قبل أن يقوم الأوربيون بتنظيم حملاتهم العسكرية لاصطياد الأفارقة من قارتهم السوداء وشحنهم عبر المحيط إلى قارتهم الأوروبية البيضاء أو إلى الأرض الجديدة في أمريكا الشمالية كانوا قد طوروا بالفعل ثقافة مسيحية تحتوي على رموز لا يمكن تجاهل دلالتها حول مسألة اللون الأبيض واللون الأسود
كانت الخطيئة في الثقافة الأوروبية المسيحية مرتبطة بشكل أو بآخر باللون الأسود، فكان يتم التعبير عن الفضيلة والطهارة والتوبة من خلال البياض أو النور المشرق، فالملائكة والقديسون تحيط بهم دائماً هالات بيضاء فحتى رسول الله عيسى عليه السلام والذي ينتمي بالأساس إلى الشرق قد تحول في المخيلة الأوروبية إلى اللون الأبيض تدريجياً إلى أن ظهر في لوحات عصر النهضة في أوروبا وهو يصطبغ البياض وله عيون ملونة زرقاء وشعر أشقر
وعلى النقيض من ذلك نجد المقابر المصرية في الحضارة القديمة يظهر فيها الإله حورس يحيط به أشخاص ذوو ألوان مختلفة فيظهر في الصورة مصري من الشمال أسمر البشرة ومصري من الجنوب ذو بشرة سوداء وشخص ذو ملامح أسيوية ولون بشرة صفراء وآخر أبيض اللون ذو ملامح أوروبية، وعلى الرغمن من أن ميزان القوى في مصر ظل لفترات ينتقل بين الشمال والجنوب إلا أن مصر ظلت طوال التاريخ المصري القديم تعيش في توافق من الناحية العنصرية، فلم يطور المصريون أبدا أي ممارسات عنصرية تجاه أعراف أخرى بل إن الحضارة المصرية ذاتها ظلت باستمرار حضارة متنوعة الأعراق، وفي مكان آخر من الشرق نجد الفيلسوف الصيني
كونفوشيوس ينادي بأفكار تقول بأن طبيعة الناس واحدة وكان ذلك حوالي عام 500 قبل الميلاد.
وحتى بالنسبة للمعاني الكاملة في مفردات اللغة فإن كلمة "أسود" كانت تعبر باستمرار في اللغات الأوروبية عن خبرات سلبية فقاموس اكسفورد للغة الإنجليزية أورد المعاني التالية تحت كلمة أسود: "ملطخ للغاية بالقذارة ملوث قذر.. أهدافه سوداء أو مميتة أو شريرة، ينتمي للموت وينطوي عليه مميت، مهلك، مسبب للكوارث والنحس.. فاسد فاسق أثيم مرعب، شرير يدل على الخزي والاستهجان والجرم".
وكان من المتوقع أن ينتج عن كل هذه الدلالات السلبية للون الأسود في الثقافة والضمير الأوروبي أن تظهر مبررات واقعية للطابع الوحشي وغير الإنساني الذي اتسمت به علاقات الاسترقاق داخل مؤسسة الرق في الغرب، فقد اتسمت علاقات الرق دائماً في هذه المجتمعات باصطباغها بالأفكار العنصرية، فلم يكن من المتوقع أبداً أن ينجو أحد من العبيد الأفارقة السود من المصير الذي ألو إليه بعد اصطيادهم ونقلهم عبر المحيط ليسترقهم السيد الأوروبي بينما كان الطبيعي في ظل الحضارات الشرقية أن ينضم الرقيق إلى مجتمع الأحرار في أي وقت إذا اعتنقه سيده أو استطاع أن يفتدي نفسه.
إن هذه المبدأ لم يكن مقبولاً أبداً في ظل الحضارة الغربية، ففي نهاية القرن الثامن عشر تصدر التشريعات في كارولينا الجنوبية تحت قانون ثانون 1740 الذي كان نصه كالتالي: "جميع الزنوج أو الخلاسيين أو المهجنين أو الذين سيوجودون في الإقليم وكل نسلهم وذريتهم المولودين منهم والذين سيولدون، هم بموجب هذا القانون من العبيد وسيكونون كذلك في المستقبل وسيظلون إلى الأبد من الآن فصاعدا عبيداً بشكل كامل"