فى بداية حياتى العملية بعد ما انتهيت من الدراسة فى الجامعة وقضيت فترة الخدمة العسكرية حصلت على وظيفة فى إحدى الشركات الخاصة كنت سعيد جدا بالوظيفة
فالعمل شىء جيد جدا فى حياة الإنسان.
العمل الجاد أو الشغل يجعلك تشعر بقيمة نفسك وقيمة الأشياء من حولك بل وقيمة الحياة بحد ذاتها.
والعمل هو بداية الأحتكاك الحقيقى للإنسان بالمجتمع ككل وبأنواع مختلفة من الناس.
فالإنسان فى بيئته التى ينشأ فيها ويتربى بين أفرادها او أثناء الدراسة غالبا ما يعيش فى مجتمع مماثل له فى الطبيعة من حيث المستوى الإجتماعى والتعليم زملاء فى نفس العمر أو قريبين منه فى هذه المرحلة يكون له مساحة اختيار كبيرة لأصدقاءه فيقترب ممن يراهم متوافقين مع طبيعته ويبتعد عمن يراهم مختلفين معه
أو لمجرد أنه لا يشعر معهم بالأرتياح.
لكن فى العمل تتقلص هذه المساحة وتتغير هذه التركيبة بتركيبة أخرى مختلفة تماما فقد تجد زملاء العمل من بيئات مختلفة وثقافات مختلفة ومستوى تعليمى واجتماعي مختلف وهذا ما يجعل البعض يشعر بالمعاناة فى بداية العمل وتحمل المسؤولية تصل أحيانا لأن يتركوا العمل عندما يتعرضوا لمضايقات من أشخاص مختلفين عنه فى طريقة الكلام
أو التصرفات التى قد تكون جزء من تكوينهم وتربيتهم وأذكر هنا أنه كان لدينا زميل فى العمل كان خجول جدا لا يكاد يتكلم مع أحد وزميل اخر جرىء جدا يتكلم بلا حساب يحب المزاح كثيرا ولا يتوقف عند حد كان يمزح مع الجميع ' كانت هذه طبيعة شخصيته وتكوينه' لكن هذا المزاح كان يضايق صديقنا الخجول جدا ويشعر بالأحراج الشديد عندما يوجه له صديقنا الجرىء الكلام والمزاح والسخرية احيانا
لدرجة أنه كان يثور ويغضب لمجرد أن ينطق هذا الجرىء اسمه او ينادى عليه فيبادره على الفور بغضب قائلا له ماذا تريد ؟
إذا سمحت لا تتحدث معى فيضحك صاحبنا الجرىء ويضحك المتواجدون من الزملاء لغرابة الموقف فلم يحدث شىء فى الحقيقة يستوجب الغضب إلا أن صاحبنا الخجول يفتقد بعض الثقة فى نفسه وفيمن حوله بعد فترة من المعاناة والتأقلم تعلم الخجول من التجربة واكتسب ثقة كبيرة فى نفسه وأصبح لا يهتم بما يقوله زميله الجرىء من مزاح عادى وبسيط بل أصبح يقابله بالضحك احيانا والسخرية وأصبحا صديقين قريبين من بعضهما البعض
وهكذا نتعلم من الحياة والتعارف فيما بيننا أشياء كثيرة لن نتعلمها إلا بالأحتكاك والممارسة.