اعلان

لماذا لا تتعلم أوروبا الدرس ؟

بقلم طلعت رضوان

لماذا لا تتعظ أوروبا من درس رئيسة وزراء أستراليا ؟ أليس (اليمين الأوروبى) أفضل من (اليسارالأوروبى) ؟ أعتقد أنّ العرب والمسلمين فى أوروبا سيدفعون ثمن جريمة الإسلاميين أتباع داعش بعد تفجير بلجيكا الذى راح ضحيته العشرات من المُـتحضرين المُـسالمين.

ومنذ عدة سنوات حذرتُ فى دراساتى من تغلغل العرب والمسلمين فى أوروبا ، ومحاولة فرض قيمهم على قيم الأوروبيين ، ورأيتُ أنّ (اليمين الأوروبى )الذى طالب بطرد العرب والمسلمين من أوروبا ، أفضل من (اليسار الأوروبى )الذى هاجم أعضاء الأحزاب اليمينية.

وكذلك فعل (اليسار العروبى) لقد تغافل اليسار الأوروبى (وكذلك اليسار المصرى والعربى )عن الحقيقة التى تحولتْ إلى ظاهرة منتشرة داخل كل المجتمعات الأوروبية وهى: أنّ غالبية المواطنين (العاديين )من العرب والمسلمين (أى غير المُسيّسين) يُريدون فرض رؤاهم ومعتقداتهم وثقافتهم على المجتمع الأوروبى الذى يعيشون فيه ، وكانت النتيجة أنهم ظلموا أنفسهم ، وظلموا المجتمع الذى آواهم ، ووفــّـر لهم فرص العمل والإقامة وتعليم أولادهم ، مع الضمان الاجتماعى والعلاج إلخ.

ورغم كل ذلك استمر إحساس المواطنين العرب والمسلمين (العاديين) بـ (الغربة والاغتراب) أى أنهم لم يستطيعوا التأقلم والتكيف مع المجتمع الذى اختاروه بمحض إرادتهم ، ولم يُجبرهم أحد على هذا وعدم التكيف والشعور بالغربة والاغتراب ، أخذ عدة أشكال فى سلوك المواطنين العرب والمسلمين فى أوروبا منها (على سبيل المثال )الإصرار على ذبح المواشى فى عيد الأضحى فى الشوارع والميادين ، كما كانوا يفعلون فى بلادهم العربية والإسلامية ، وهذا الفعل (الذبح فى الشوارع )يتنافى مع تقاليد المجتمع الأوروبى (ثقافيًا واجتماعيًا وصحيًا )وبسبب هذه الظاهرة حدث الصدام بين حكومات الدول الأوروبية ، وبين العرب والمسلمين.

وطالب الإسلاميون فى أوروبا بضرورة إقامة المآذن فوق المساجد ، وهو أمر ضد تقاليد الأوروبيين ، وقد عالجتْ الحكومات الأوروبية تلك المشكلة أيضًا ، بالحكمة ودون تشنج ودون إظهار (الكارت الأحمر )أى على من لايُعجبه مجتمعنا ولا تـُعجبه ثقافتنا وشروطنا ، يتفضل بالرجوع إلى وطنه الأصلى، ليُمارس تقاليده وطقوسه .وكتبتْ بعض الصحف الأوروبية أنّ أوروبا تسمح بإقامة المساجد للمسلمين والمعابد لليهود وللبوذيين إلخ.

بينما لديكم يا عرب دولة عربية لا تسمح بإقامة كنيسة وإذا كان (اليمن الأوروبى )له فضل التنبؤ بالخطر والتحذير من وجود العرب والمسلمين، وإذا كان (اليسار الأوروبى) تعامل مع الظاهرة من منظور عاطفى ، فإنّ الكارثة الحقيقية تتمثــّـل فى الحكومات الأوروبية ، التى لم تكتف بالتهاون فى حق نفسها وحق مواطنيها، ولم تكتف بمغازلة التيارات الإسلامية ، إنما ذروة المأساة تتمثــّـل فى أنّ أغلب الأنظمة الأوروبية (وكذلك الإدارة الأمريكية –فى المقدمة) موّلتْ ودعّمتْ وأنشأتْ التيارات الإسلامية التى تنتهج أسلوب العنف المُسلح.

ومن بين الدول الأوروبية التى ساعدتْ على ذلك كانت بريطانيا من أكثر الدول (احتضانــًـا )للجماعات الإسلامية (التكفيرية )لدرجة أنّ كثيرين من المُحللين الأوروبيين أطلقوا على لندن (لندنستان )أما الولايات المتحدة الأمريكية ، فدورها معروف منذ أنْ صنعتْ تنظيم طالبان (طلبة الشريعة فى باكستان )بحجة طرد السوفيت من أفغانستان ، وهكذا (شربتْ ) الحكومات الأوروبية من نفس الكأس السامة ، كما حدث فى الاعتداء الاجرامى على مقر جريدة شارلى إبدو الفرنسية.

كان منهج (الخبراء )فى أميركا وأوروبا هو (مدح الإسلام )لكل من ترى فيهم قابلية ل (التجنيد) وبسبب هذه المناهج (التخريبية )اقتنع الشباب (المسلم )بضرورة (تغيير )مجتمعاتهم التى تعيش فى (جاهلية العصر الحديث) وأنّ مجتمعاتهم (كافرة )وكانوا يستشهدون بالقرآن والأحاديث النبوية، لضرورة تغييرمجتمعاتهم ، وأنّ مقابل تضحياتهم هو دخولهم الجنة ، لذلك فإنّ (المجاهدين) الإسلاميين الذين يلفون الأحزمة الناسفة حول أجسادهم ، ويعرفون –مسبقــًا –أنهم سيموتون بعد التفجير، فإنهم يفعلون ذلك عن عقيدة راسخة أنهم سيدخلون الجنة لأنهم فعلوا فعلا (إيمانـيًـا) وخلــّـصوا المجتمع من (الكفار).

فهل ما حدث من عدوان إجرامى على الشعب البلجيكى ، وقبله الاعتداء جريدة شارلى إبدو فى فرنسا ..إلخ ، يكون بداية لنظرة جديدة فى التعامل مع الأصوليين الإسلاميين ؟ وهل سوف تتعظ الأنظمة الأوروبية مما حدث ؟ وهل تتعلــّـم تلك الأنظمة من الدرس الذى لقــّـنته السيدة جوليا جيلارد (رئيسة وزراء أستراليا )عندما خاطبتْ الإسلاميين المُـتشددين فى بلادها وقالت لهم (لماذا لا تعيشون فى السعودية وإيران ؟ لماذا غادرتم بلادكم الإسلامية أصلا ؟ أنتم تتركون دولا تقولون عنها أنّ الله باركها بنعمة الإسلام ، وتــُـهاجرون إلى دول أخزاها الله بالكفر، رغم أنكم تنعمون فيها بالحرية والعدل والتأمين الصحى والمساواة أمام القانون وفرص العمل ومستقبل لأطفالكم) وأنهتْ كلمتها قائلة (احترمونا واحترموا إرادتنا أو غادروا بلادنا) هذه السيدة المحترمة ، حريصة على مصلحة وطنها ، عكس الأنظمة الأوروبية التى تصوّرتْ أنْ الكأس المسمومة ستشرب منها الدول التى يتم تصدير الإسلاميين الإرهابيين إليها (فقط) ولكنها شربتْ من نفس الكأس .وهكذا تأكــّـدتْ صحة نبوءة (اليمن الأوروبى )الذى حذر من خطورة العرب والمسلمين على الثقافة والتقاليد الأوروبية ، وطالب بطردهم من كل دول أوروبا.

فهل تفعلها أميركا والدول الأوروبية ؟ وإذا كانت لن تطرد العرب والمسلمين، فهل يمكن (على الأقل) أنْ تستجيب لصوت العقل والضمير، وتكف عن مغازلتهم وتمويلهم والمساعدة فى إنشاء منظماتهم الإرهابية ؟ وهل سيـُـعيد (اليسار الأوروبى) النظر فى رؤاه (العاطفية) ويـُـراجع أفكاره الطوباوية، ويقرأ (الواقع ومُـتغيراته) بعد عشرات السنين من تواجد العرب والمسلمين فى أوروبا، أم أنّ (اليسار الأوروبى) له (مصلحة) فى هذا التواجد المُـخرّب لثقافة وتقاليد أوروبا ؟ وهل يمتلك (اليسار العربى) و(اليسار المصرى) شجاعة مراجعة أفكارهم ، والتخلص من (العاطفة) المُـدمّرة على طريقة الدبة التى قتلت طفلها (بحـُـسن نية) لطرد الحشرات عن وجهه؟

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً